فصل: قال ابن العربي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واعلم أنهم لما اعترفوا بفضله عليهم وبكونهم مجرمين خاطئين قال يوسف: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم يَغْفِرُ الله لَكُمْ} وفيه بحثان:
البحث الأول:
التثريب التوبيخ ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحد ولا يثربها» أي ولا يعيرها بالزنا، فقوله: {لاَ تَثْرَيبَ} أي لا توبيخ ولا عيب وأصل التثريب من الثرب وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش.
ومعناه إزالة الثرب كما أن التجليد إزالة الجلد قال عطاء الخراساني طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها إلى الشيوخ ألا ترى إلى قول يوسف عليه السلام لإخوته: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ} وقوله يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى} [يوسف: 98].
البحث الثاني:
إن قوله: {اليوم} متعلق بماذا وفيه قولان:
القول الأول: إنه متعلق بقوله: {لاَ تَثْرَيبَ} أي لا أثر بكم اليوم وهو اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بسائر الأيام، وفيه احتمال آخر وهو أني حكمت في هذا اليوم بأن لا تثريب مطلقًا لأن قوله: {لاَ تَثْرَيبَ} نفي للماهية ونفي الماهية يقتضي انتفاء جميع أفراد الماهية، فكان ذلك مفيدًا للنفي المتناول لكل الأوقات والأحوال فتقدير الكلام اليوم حكمت بهذا الحكم العام المتناول لكل الأوقات والأحوال ثم إنه لما بين لهم أنه أزال عنهم ملامة الدنيا طلب من الله أن يزيل عنهم عقاب الآخرة فقال: {يَغْفِرَ الله لَكُمْ} والمراد منه الدعاء.
والقول الثاني: أن قوله: {اليوم} متعلق بقوله: {يَغْفِرَ الله لَكُمْ} كأنه لما نفى التثريب مطلقًا بشرهم بأن الله غفر ذنبهم في هذا اليوم، وذلك لأنهم لما انكسروا وخجلوا واعترفوا وتابوا فالله قبل توبتهم وغفر ذنبهم، فلذلك قال: {اليوم يَغْفِرُ الله لَكُمْ} روي أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح، وقال لقريش: «ما تروني فاعلًا بكم» فقالوا نظن خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت، فقال: «أقول ما قال أخي يوسف لا تقريب عليكم اليوم» وروي أن أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس: إذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتل عليه: {قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم} ففعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غفر الله لك ولمن علمك» وروي أن إخوة يوسف لما عرفوه أرسلوا إليه إنك تحضرنا في مائدتك بكرة وعشيا ونحن نستحي منك لما صدر منا من الإساءة إليك، فقال يوسف عليه السلام إن أهل مصر وإن ملكت فيهم فإنهم ينظروني بالعين الأولى ويقولون: سبحان من بلغ عبدًا بيع بعشرين درهمًا ما بلغ، ولقد شرفت الآن بإتيانكم وعظمت في العيون لما جئتم وعلم الناس أنكم إخوتي وإني من حفدة إبراهيم عليه السلام. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مَسّنا وأهلنا الضر}
وهذا مِن ألطف ترفيق وأبلغ استعطاف. وفي قصدهم بذلك قولان:
أحدهما: بأن يرد أخاهم عليهم، قاله ابن جرير.
والثاني: توفية كيلهم والمحاباة لهم، قاله علي بن عيسى.
{وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ} وأصل الإزجاء السَوْق بالدفع، وفيه قول الشاعر عدي بن الرقاع.
تزجي أغَنّ كأن إبرَة روقِهِ ** قلمٌ أصاب من الدواة مدادها

وفي بضاعتهم هذه خمسة أقاويل:
أحدها: أنها كانت دراهم، قاله ابن عباس.
الثاني: متاع الأعراب، صوف وسمن، قاله عبدالله بن الحارث.
الثالث: الحبة الخضراء وصنوبر، قاله أبو صالح.
الرابع: سويق المقل. قاله الضحاك.
الخامس: خلق الحبْل والغرارة، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا.
وفي المزجاة ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنها الرديئة، قاله ابن عباس.
والثاني: الكاسدة، قاله الضحاك.
الثالث: القليلة، قاله مجاهد. قال ابن إسحاق: وهي التي لا تبلغ قدر الحاجة ومنه قول الراعي:
ومرسل برسول غير متّهم ** وحاجة غير مزجاة من الحاج

وقال الكلبي: هي كلمة من لغة العجم، وقال الهيثمي: من لغة القبط.
{فأوف لنا الكيل} فيه قولان:
أحدهما: الكيل الذي كان قد كاله لأخيهم، وهو قول ابن جريج.
الثاني: مثل كيلهم الأول لأن بضاعتهم الثانية أقل، قاله السدي.
{وتصدق علينا} فيه أربعة أقاويل:
أحدهما: معناه تفضل علينا بما بين الجياد والرديئة، قاله سعيد بن جبير والسدي والحسن، وذلك لأن الصدقة تحرم على جميع الأنبياء.
الثاني: تصدق علينا بالزيادة على حقنا، قاله سفيان بن عيينة. قال مجاهد: ولم تحرم الصدقة إلا على محمد صلى الله عليه وسلم وحده.
الثالث: تصدق علينا برد أخينا إلينا، قاله ابن جريج، وكره للرجل أن يقول في دعائه: اللهم تصدّق عَليّ، لأن الصدقة لمن يبتغي الثواب.
الرابع: معناه تجوّز عنا، قاله ابن شجرة وابن زيد واستشهد بقول الشاعر:
تصدّق علينا يا ابن عفان واحتسب ** وأمر علينا الأشعري لياليا

قوله عز وجل: {قال هَلْ علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه}
معنى قوله: {هل علمتم ما فعلتم} أي قد علمتم، كقوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} أي قد أتى.
قال ابن إسحاق: ذكر لنا أنهم لما قالوا: {مسّنا وأهلنا الضر} رحمهم ورقَّ لهم، فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ وعَدَّدَ عليهم ما صنعوا بهما.
{إذ أنتم جاهلون} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني جهل الصغر.
الثاني: جهل المعاصي.
الثالث: الجهل بعواقب أفعالهم. فحينئذ عرفوه.
{قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي} وحكى الضحاك في قراءة عبد الله: وهذا أخي وبيني وبينه قربى {قد مَنّ الله علينا} يعني بالسلامة ثم بالكرامة، ويحتمل بالإجتماع بعد طول الفرقة.
{إنه مَنْ يتّق ويصبرْ} فيه قولان:
أحدهما: يتقي الزنى ويصبر على العزوبة، قاله إبراهيم.
الثاني: يتقي الله تعالى ويصبر على بلواه. وهو محتمل.
{فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} فيه قولان:
أحدهما: في الدنيا.
الثاني: في الآخرة.
قوله عز وجل: {قالوا تالله آثرك اللهُ علينا} مأخوذ من الإيثار، وهو إرادة تفضيل أحد النفسين على الآخر، قال الشاعر:
والله أسماك سُمًّا مباركًا ** آثرك الله به إيثارَكًا

{وإن كنا لخاطئين} أي فيما صنعوا بيوسف، وفيه قولان:
أحدهما: آثمين.
الثاني: مخطئين. والفرق بين الخاطئ والمخطئ أن الخاطئ آثم.
فإن قيل: فقد كانوا عند فعلهم ذلك به صغارًا ترفع عنهم الخطايا.
قيل لما كبروا واستداموا إخفاء ما صنعوا صاروا حينئذ خاطئين.
قوله عز وجل: {قال لا تثريب عليكم} فيه قولان أربعة تأويلات:
أحدها: لا تغيير عليكم، وهو قول سفيان ابن عيينة.
الثاني: لا تأنيب فيما صنعتم، قاله ابن إسحاق.
الثالث: لا إباء عليكم في قولكم، قاله مجاهد.
الرابع: لا عقاب عليكم وقال الشاعر:
فعفوت عنهم عفو غير مثربٍ ** وتركتهم لعقاب يومٍ سرمد

{اليوم يغفر الله لكم} يحتمل وجهين:
أحدهما: لتوبتهم بالاعتراف والندم.
الثاني: لإحلاله لهم بالعفو عنهم.
{وهو أرحم الراحمين} يحتمل وجهين: أحدهما: في صنعه بي حين جعلني ملكًا.
الثاني: في عفوه عنكم عما تقدم من ذنبكم. اهـ.

.قال ابن العربي:

قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
الْقَوْلُ فِي الْبِضَاعَةِ: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَعْنَى الْبِضَاعَةِ فِي الْبِضْعِ آنِفًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
قَوْلُهُ: {مُزْجَاةٍ}: فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَعْنِي قَلِيلَةً، إمَّا لِأَنَّهُ مَتَاعُ الْبَادِيَةِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْمُلُوكِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا سَعَةَ فِيهِ، إنَّمَا يُدَافَعُ بِهِ الْمَعِيشَةُ، مِنْ قَوْلِك: فُلَانٌ يُزْجِي كَذَا، أَيْ: يَدْفَعُ قَالَ الشَّاعِرُ:
الْوَاهِبُ الْمِائَةَ الْهِجَانَ ** وَعَبْدَهَا عُوذًا تُزَجِّي خَلْفَهَا أَطْفَالَهَا

يَعْنِي تَدْفَعُ.
الثَّانِي: قَالَ مَالِكٌ: مُزْجَاةٌ تَجُوزُ فِي كُلِّ مَكَان، فَهِيَ الْمُزْجَاةُ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.
وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ جَبَذَ وَجَذَبَ، وَإِلَّا فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ فِيهِ.
وَقَدْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا الْبُطْمُ وَالصَّنَوْبَرُ، وَالْبُطْمُ هُوَ الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَوْله تعالى: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} الْمَعْنَى جِئْنَا بِقَدْرِنَا، فَأَعْطِنَا بِقَدْرِك، تَضَاءَلُوا بِالْحَاجَةِ، وَتَمَسْكَنُوا بِفَادِحَةِ الْمُصِيبَةِ فِي الْأَخَوَيْنِ، وَمَا صَارَ إلَيْهِ أَمْرُ الْأَبِ بَعْدَهُمَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: قَالُوا لِيُوسُفَ: فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ، فَكَانَ يُوسُفُ هُوَ الَّذِي يَكِيلُ، إشَارَةً إلَى أَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَمْيِيزُ حَقِّ الْمُشْتَرِي مِنْ حَقِّهِ، إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مُعَيَّنًا صُبْرَةً أَوْ مَا لَا حَقَّ تَوْفِيَةٍ فِيهِ، فَقَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ فَمَا جَرَى عَلَى الْمَبِيعِ فَهُوَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ، وَأُجْرَةُ النَّقْدِ عَلَى الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ لِدَرَاهِمِهِ يَقُولُ: إنَّهَا طَيِّبَةٌ فَأَنْتَ الَّذِي تَدَّعِي الرَّدَاءَةَ فَانْظُرْ لِنَفْسِك، فَإِنْ خَرَجَ فِيهَا رَدِيءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الدَّافِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَوْلُهُ: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ بِضَاعَتَهُمْ غَيْرُ مَرْضِيَّةٍ قَالُوا: اجْعَلْهَا حِبَاءً إنْ لَمْ تَكُنْ شِرَاءً.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: طَلَبُوا مِنْهُ وَفَاءَ الْكَيْلِ وَالصَّدَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا كَانَ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً يَتْبَعُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَلَا يُلْحَقُ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الصَّدَقَةَ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ؟ قُلْنَا: عَنْهُ خَمْسَةُ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا: لَا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ أَنْبِيَاءٌ، وَآمَنَا بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ أَنْبِيَاءَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُمْ مَعَ الصَّدَقَةِ فِي شَرْعِهِمْ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ.
الرَّابِعُ: مَعْنَى تَصَدَّقْ سَامِحْ، لَا أَصْلُ الصَّدَقَةِ.
الْخَامِسُ: قِيلَ: تَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِأَخِينَا.
وَبِالْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرِينَ أَقُولُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {فلما دخلوا عليه} الآية في هذا الموضع اختصار محذوفات يعطيها الظاهر، وهي: أنهم نفذوا من الشام إلى مصر ووصلوها والضمير في: {عليه} عائد على يوسف، و: {الضر} أرادوا به المسغبة التي كانوا بسبيلها وأمر أخيهم الذي أهم أباهم وغم جميعهم، و (البضاعة) القطعة من المال يقصد بها شراء شيء، ولزمها عرف الفقه فيما لا حظ لحاملها من الربح، وال: {مزجاة} معناها المدفوعة المتحيل لها، ومنه إزجاء السحاب، ومنه إزجاء الإبل كما قال الشاعر:
على زواحف تزجى مخهارير

وكما قال النابغة: البسيط:
وهبت الريح من تلقاء ذي أزل ** تزجى مع الليل من صرّادها صرما

وقال الأعشى: الكامل:
الواهب المائة الهجان وعبدها ** عوذًا تزجي خلفها أطفالها

وقال الآخر:
بحاجة غير مزجاة من الحاج

وقال حاتم:
ليبكِ على ملحان ضيف مدفع ** وأرملة تزجي مع الليل أرملا

فجملة هذا أن من يسوق شيئًا ويتلطف في تسييره فقد أزجاه فإذا كانت الدراهم مدفوعة نازلة القدر تحتاج أن يعتذر معها ويشفع لها فهي مزجاة، فقيل: كان ذلك لأنها كانت زيوفًا- قاله ابن عباس- وقال الحسن: كانت قليلة، وقيل: كانت ناقصة- قاله ابن جبير- وقيل: كانت بضاعتهم عروضًا، فلذلك قالوا هذا.
واختلف في تلك العروض: ما كانت؟ فقيل: كانت السمن والصوف- قاله عبد الله بن الحارث- وقال علي بن أبي طالب: كانت قديد وحش- ذكره النقاش- وقال أبو صالح وزيد بن أسلم: كانت الصنوبر والحبة الخضراء.